[b][size=24][/size
مصر 25 يناير إلى أين ؟!!
حسين عبد المعبود
الحوار المتمدن - العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
( مصر 25 يناير إلى أين ؟) تساؤل يقوله البعض و نسمعه كثيرا كلما واجهتنا أزمة .. سواء كانت هذه الأزمة من تركة النظام السابق مثل : البطالة ، والعمالة المؤقتة ، وإيجاد مساكن لسكان العشوائيات ، وارتفاع الأسعار ، وتدني الأجور ، ومياه الشرب ، والصرف الصحي ، والخبز ، وأنبوبة الغاز ، أو مشاكل من صناعة فلوله مثل : اعتداء على كنيسة ، وقفات احتجاجية غير مشروعة لمطالب قد تكون مشروعة ، انفلات أمني ، ضعف الإنتاج ، حادث سرقة أو سطو مسلح ، قطع طريق ، إشعال النار في بعض المؤسسات وعند كل حدث سواء كان من تركة النظام السابق أو من صناعة فلوله نسمع من يقول : البلد رايحة على فين ؟
تساؤل يطرحه الخبثاء ويردده البسطاء ونسمعه جميعا بردود فعل متباينة ما بين مصدق ومتشكك وحائر ورافض . لأن التساؤل يبدو منطقيا للحالة التي نعيشها لكنه خبيث وليس بريئا !!! فهو ليس تساؤلا ولكنه ترويج لحالة الاضطرابات والانفلات التي نواجهها اليوم على أنها الناتج الطبيعي للثورة في محاولة باهتة غبية للبكاء على النظام البائد ونسيان الجرائم التي ارتكبها والتي كانت سببا في كل ما نواجهه اليوم من أزمات وانفلات حتى في الأخلاق متناسيين أن ما يحدث إما من ميراث النظام الذي يبكون على فراقه وإما من صناعة فلوله .
من الذي يقول : البلد رايحة على فين ؟ البداية من أعضاء الحزن الوطني المنحل وزبانية النظام البائد وفلوله والمنتفعين من وجود أنظمة الظلم والطغيان التي كانت تغدق عليهم كسبا للود وطمعا في اكتساب أنصار . فيلقى التساؤل قبول البسطاء المتعجلون والحالمون بالعيش الكريم وحياة الحرية والأمن والأمان بلا ضغوط أو أزمات وتسري المقولة دون البحث عن مصدرها وتوقيتها والغرض منها .
نسينا أن الذين يطرحون تساؤل : البلد رايحة على فين ؟ هم الذين استماتوا في الدفاع عن النظام البائد حال وجوده ، فدافعوا عن الفساد ، ولم يعترفوا بالفشل ، ولم يرفضوا عمليات التزوير بل أقروها ، وكانوا ينسبونها للنائب المعارض التي لا تفلح معه أساليب التزوير المفضوحة وينجح رغما عن إرادتهم ، وملأوا الدنيا ضجيجا بالإنجازات الكلامية .
تذكروا جيدا نواب مجلس الشعب من الحزن الوطني في الدورات السابقة وما اتصفوا به والذين ترشحوا تحت شعار ( تطوير . تنمية . استقرار ) : مرة نواب الكيف ، وأخرى نواب التجنيد ، وثالثة نواب سميحة ، ورابعة نواب القروض ، كل ذلك قبل فضيحةانتخابات 2010 التي أغلقت كل أبواب الأمل في حياة العدل والحرية والكرامة الإنسانية فعجلت بقيام الثورة .
نسينا أيضا دعاواهم الكاذبة وأبواقهم الزائفة وإلصاق تهم العار الموصومين بها ضد كل معارض : فهم في حالة استسلام كامل للسيد الأمريكي بل كان رموزهم يحجون إلى أمريكا لنيل بركة تأييد التوريث ثم اتهام الشرفاء بموالاة أمريكا والاستقواء بالخارج .
كلهم ود ومحبة لإسرائيل ، وضغط على الفصائل الفلسطينية ، وقفل معبر رفح ، ووصل الأمر إلى بيع الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة وغير معقولة ، والموافقة على بناء جدار عازل على الحدود بين مصر وإسرائيل ثم يتهمون الشرفاء بالخيانة لسفرهم إلى إسرائيل حتى لو كان السفر لمراقبة انتخابات المجالس التشريعية الفلسطينية . ولا تنسوا ما قاله قادة إسرائيل عن مبارك بأنه : ( كنز استراتيجي ) .
كانوا ضد ثورة 25 يناير ثم ادعوا أن الثورة تسرق أو أن هناك من يحاول سرقتها أو استغلالها للمزايدة وتحقيق مكاسب شخصية ، ونحن لا ننكر أن هناك من يفعل ذلك أو على الأقل يدعي أنه صاحب الفضل الأكبر في انتصار الثورة ولكننا نقبل التوصيف والتحليل والتساؤل من أي فصيل وأي طيف وأي فئة ولو حتى فرد شارك في الثورة ولو بالجلوس أمام شاشات الفضائيات للاطمئنان على حال الثوار بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه ومع رؤاه ، إلا هم !!! فليس من حقهم ذلك لأنهم كانوا ضد الثورة وداعين لحالة الجمود والاستكانة والرضا بالفساد والظلم و الطغيان والذل وكبت الحريات ، وإباحة السجون والمعتقلات والتعذيب والقتل والترويع والترويج لفكرة التوريث تحت دعوى الاستقرار .
نحن في حالة ثورة لأن الثورة قد بدأت ولم تنتهي بعد ، ألم يكن كل أمانينا قبل الثورة بعض الإصلاحات لبعض مواد الدستور لتسمح للبعض بالترشح لرئاسة الجمهورية تعطيلا لمسلسل التوريث ، ثم قامت الثورة لتطالب بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية ، ونتيجة لأخطاء النظام المستمرة في معالجة الأحداث ارتفع سقف المطالب إلى : المطالبة بسقوط النظام الذي كان قد تهاوى فعلا ولم يعد صالحا للبقاء لخيبة رئيسه وغبائه في معالجة الأحداث وفرار رموزه بحثا عن ملجأ ومهرب لشخوصهم وثرواتهم التي نهبوها من دم الشعب المسكين وفرار كل رجاله من المسرح العام في سابقة لم يذكر التاريخ مثلها خسة ودناءة .
وبالمثل سقف المطالب والأماني والأمل في الثورة يعلو ويرتفع ، من محاكمة لبعض الرموز إلى المطالبة بمحاكمة كل الرموز وفي وقت واحد وسريع ، ومن العمل على أن نعيش في أمن وأمان ونعمل على زيادة الإنتاج إلى المطالبة بحياة الرفاهة والنعيم دون النظر للبدايات وحسابات الزمن .
من حقنا أن نتطلع لحياة الحق والعدل والحرية والكرامة الإنسانية لكن لا بد أن نضع في الحسبان أننا في حالة ثورة ، والثورة تحتاج لبعض الوقت لإزالة كل آثار الماضي البغيض ، ثم وضع الأساس الجيد للبناء العظيم ، فلنصبر ولو قليلا .. والثورة قادرة على التغلب على كل الصعاب ولكن ليس لديها عصا سحرية .
مصر إلى أين ؟ مصر تحاكم اللصوص والمجرمين من عصابات السلب والنهب والإجرام التي شكلها النظام السابق ، وهؤلاء رموزهم في السجون تتم محاكمتهم أمام القضاء المدني لتأخذ العدالة مجراها الطبيعي رغم أن ذلك عكس منطقهم فقد حاكموا الكثير من أفراد الشعب أمام المحاكم العسكرية بقضايا ملفقة ، وسوف تتم محاكمة القيادات الوسطى وكل في الطريق دون تعجل حتى لا تتأثر العدالة .
مصر إلى أين ؟ مصر تؤسس لدولة مدنية قائمة على المحبة والتسامح وقبول الأخر ينعم فيها الجميع بالحرية والعدالة والمساواة دون النظر إلى اللون أو الجنس أو العقيدة ، لا فرق بين قبطي مسلم وقبطي مسيحي أو يهودي أو حتى لا ديني .
مصر إلى أين ؟ مصر في حالة اختيار لأنسب النظم التي تحقق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، الكل فيها سواء لا تمييز فيها لفصيل دون الآخر ، وكلنا متساوون في الحقوق والواجبات ، دولة .. الرأي فيها للجميع .
مصر إلى أين ؟ مصر تؤسس لها وللإنسانية دولة الحريات والإنصاف ، دولة الإخاء والمساواة ، دولة العدل وسيادة القانون ، دولة الفرص المتكافئة لكل حسب جهده ومواهبه .
مصر تؤسس لبناء دولة المؤسسات التي تسمح بتداول السلطة في مناخ الحب والإخاء والقيم والمبادئ التي لا تسمح بميلاد فرعون جديد .
]
مصر 25 يناير إلى أين ؟!!
حسين عبد المعبود
الحوار المتمدن - العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
( مصر 25 يناير إلى أين ؟) تساؤل يقوله البعض و نسمعه كثيرا كلما واجهتنا أزمة .. سواء كانت هذه الأزمة من تركة النظام السابق مثل : البطالة ، والعمالة المؤقتة ، وإيجاد مساكن لسكان العشوائيات ، وارتفاع الأسعار ، وتدني الأجور ، ومياه الشرب ، والصرف الصحي ، والخبز ، وأنبوبة الغاز ، أو مشاكل من صناعة فلوله مثل : اعتداء على كنيسة ، وقفات احتجاجية غير مشروعة لمطالب قد تكون مشروعة ، انفلات أمني ، ضعف الإنتاج ، حادث سرقة أو سطو مسلح ، قطع طريق ، إشعال النار في بعض المؤسسات وعند كل حدث سواء كان من تركة النظام السابق أو من صناعة فلوله نسمع من يقول : البلد رايحة على فين ؟
تساؤل يطرحه الخبثاء ويردده البسطاء ونسمعه جميعا بردود فعل متباينة ما بين مصدق ومتشكك وحائر ورافض . لأن التساؤل يبدو منطقيا للحالة التي نعيشها لكنه خبيث وليس بريئا !!! فهو ليس تساؤلا ولكنه ترويج لحالة الاضطرابات والانفلات التي نواجهها اليوم على أنها الناتج الطبيعي للثورة في محاولة باهتة غبية للبكاء على النظام البائد ونسيان الجرائم التي ارتكبها والتي كانت سببا في كل ما نواجهه اليوم من أزمات وانفلات حتى في الأخلاق متناسيين أن ما يحدث إما من ميراث النظام الذي يبكون على فراقه وإما من صناعة فلوله .
من الذي يقول : البلد رايحة على فين ؟ البداية من أعضاء الحزن الوطني المنحل وزبانية النظام البائد وفلوله والمنتفعين من وجود أنظمة الظلم والطغيان التي كانت تغدق عليهم كسبا للود وطمعا في اكتساب أنصار . فيلقى التساؤل قبول البسطاء المتعجلون والحالمون بالعيش الكريم وحياة الحرية والأمن والأمان بلا ضغوط أو أزمات وتسري المقولة دون البحث عن مصدرها وتوقيتها والغرض منها .
نسينا أن الذين يطرحون تساؤل : البلد رايحة على فين ؟ هم الذين استماتوا في الدفاع عن النظام البائد حال وجوده ، فدافعوا عن الفساد ، ولم يعترفوا بالفشل ، ولم يرفضوا عمليات التزوير بل أقروها ، وكانوا ينسبونها للنائب المعارض التي لا تفلح معه أساليب التزوير المفضوحة وينجح رغما عن إرادتهم ، وملأوا الدنيا ضجيجا بالإنجازات الكلامية .
تذكروا جيدا نواب مجلس الشعب من الحزن الوطني في الدورات السابقة وما اتصفوا به والذين ترشحوا تحت شعار ( تطوير . تنمية . استقرار ) : مرة نواب الكيف ، وأخرى نواب التجنيد ، وثالثة نواب سميحة ، ورابعة نواب القروض ، كل ذلك قبل فضيحةانتخابات 2010 التي أغلقت كل أبواب الأمل في حياة العدل والحرية والكرامة الإنسانية فعجلت بقيام الثورة .
نسينا أيضا دعاواهم الكاذبة وأبواقهم الزائفة وإلصاق تهم العار الموصومين بها ضد كل معارض : فهم في حالة استسلام كامل للسيد الأمريكي بل كان رموزهم يحجون إلى أمريكا لنيل بركة تأييد التوريث ثم اتهام الشرفاء بموالاة أمريكا والاستقواء بالخارج .
كلهم ود ومحبة لإسرائيل ، وضغط على الفصائل الفلسطينية ، وقفل معبر رفح ، ووصل الأمر إلى بيع الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة وغير معقولة ، والموافقة على بناء جدار عازل على الحدود بين مصر وإسرائيل ثم يتهمون الشرفاء بالخيانة لسفرهم إلى إسرائيل حتى لو كان السفر لمراقبة انتخابات المجالس التشريعية الفلسطينية . ولا تنسوا ما قاله قادة إسرائيل عن مبارك بأنه : ( كنز استراتيجي ) .
كانوا ضد ثورة 25 يناير ثم ادعوا أن الثورة تسرق أو أن هناك من يحاول سرقتها أو استغلالها للمزايدة وتحقيق مكاسب شخصية ، ونحن لا ننكر أن هناك من يفعل ذلك أو على الأقل يدعي أنه صاحب الفضل الأكبر في انتصار الثورة ولكننا نقبل التوصيف والتحليل والتساؤل من أي فصيل وأي طيف وأي فئة ولو حتى فرد شارك في الثورة ولو بالجلوس أمام شاشات الفضائيات للاطمئنان على حال الثوار بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه ومع رؤاه ، إلا هم !!! فليس من حقهم ذلك لأنهم كانوا ضد الثورة وداعين لحالة الجمود والاستكانة والرضا بالفساد والظلم و الطغيان والذل وكبت الحريات ، وإباحة السجون والمعتقلات والتعذيب والقتل والترويع والترويج لفكرة التوريث تحت دعوى الاستقرار .
نحن في حالة ثورة لأن الثورة قد بدأت ولم تنتهي بعد ، ألم يكن كل أمانينا قبل الثورة بعض الإصلاحات لبعض مواد الدستور لتسمح للبعض بالترشح لرئاسة الجمهورية تعطيلا لمسلسل التوريث ، ثم قامت الثورة لتطالب بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية ، ونتيجة لأخطاء النظام المستمرة في معالجة الأحداث ارتفع سقف المطالب إلى : المطالبة بسقوط النظام الذي كان قد تهاوى فعلا ولم يعد صالحا للبقاء لخيبة رئيسه وغبائه في معالجة الأحداث وفرار رموزه بحثا عن ملجأ ومهرب لشخوصهم وثرواتهم التي نهبوها من دم الشعب المسكين وفرار كل رجاله من المسرح العام في سابقة لم يذكر التاريخ مثلها خسة ودناءة .
وبالمثل سقف المطالب والأماني والأمل في الثورة يعلو ويرتفع ، من محاكمة لبعض الرموز إلى المطالبة بمحاكمة كل الرموز وفي وقت واحد وسريع ، ومن العمل على أن نعيش في أمن وأمان ونعمل على زيادة الإنتاج إلى المطالبة بحياة الرفاهة والنعيم دون النظر للبدايات وحسابات الزمن .
من حقنا أن نتطلع لحياة الحق والعدل والحرية والكرامة الإنسانية لكن لا بد أن نضع في الحسبان أننا في حالة ثورة ، والثورة تحتاج لبعض الوقت لإزالة كل آثار الماضي البغيض ، ثم وضع الأساس الجيد للبناء العظيم ، فلنصبر ولو قليلا .. والثورة قادرة على التغلب على كل الصعاب ولكن ليس لديها عصا سحرية .
مصر إلى أين ؟ مصر تحاكم اللصوص والمجرمين من عصابات السلب والنهب والإجرام التي شكلها النظام السابق ، وهؤلاء رموزهم في السجون تتم محاكمتهم أمام القضاء المدني لتأخذ العدالة مجراها الطبيعي رغم أن ذلك عكس منطقهم فقد حاكموا الكثير من أفراد الشعب أمام المحاكم العسكرية بقضايا ملفقة ، وسوف تتم محاكمة القيادات الوسطى وكل في الطريق دون تعجل حتى لا تتأثر العدالة .
مصر إلى أين ؟ مصر تؤسس لدولة مدنية قائمة على المحبة والتسامح وقبول الأخر ينعم فيها الجميع بالحرية والعدالة والمساواة دون النظر إلى اللون أو الجنس أو العقيدة ، لا فرق بين قبطي مسلم وقبطي مسيحي أو يهودي أو حتى لا ديني .
مصر إلى أين ؟ مصر في حالة اختيار لأنسب النظم التي تحقق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، الكل فيها سواء لا تمييز فيها لفصيل دون الآخر ، وكلنا متساوون في الحقوق والواجبات ، دولة .. الرأي فيها للجميع .
مصر إلى أين ؟ مصر تؤسس لها وللإنسانية دولة الحريات والإنصاف ، دولة الإخاء والمساواة ، دولة العدل وسيادة القانون ، دولة الفرص المتكافئة لكل حسب جهده ومواهبه .
مصر تؤسس لبناء دولة المؤسسات التي تسمح بتداول السلطة في مناخ الحب والإخاء والقيم والمبادئ التي لا تسمح بميلاد فرعون جديد .
]