دم شهداء ثورة 25 يناير في رقاب المتفاوضين
حسين عبد المعبود
الحوار المتمدن - العدد: 3269 - 2011 / 2 / 6
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
دم شهداء ثورة 25 يناير في رقاب المتفاوضين
لا نجد تفسيرا لما يجري الآن من تفاوض بين نظام مبارك المخلوع متمثلا في عمر سليمان ، وما يقولون عنهم ممثلي الأحزاب ، وبعض من القوى الوطنية ، ولا نرى مبررا واحدا لذلك ، ونعتبر أن ما يحدث ماهو إلا خداعا ، وتسويفا ، وكسبا للوقت من جانب النظام ، انتظارا لتغير الموقف الدولي ، وانتظارا ليأس الثوارالمراهن عليه من قبل النظام أيضا ، ولا نرى في اشتراك من شاركوا في التفاوض إلا خيانة للوطن ، وإهدارا لدماء الشهداء .
نعرف أن التفاوض يكون بين طرفين : طرف عرفناه وهو ممثل النظام البالي فاقد الشرعية ، أما الأخرون من ممثلي الأحزاب ، ومن الأخرين فليس من حقهم التفاوض لأنهم ليسوا طرفا ، فباعتراف الجميع أن من قام بالثورة هم الشباب ، وروج الإعلام أن المشاركين من غير الشباب ( حتى البرءاء من الرجال والمسنين أمثالي والذين تجاوبوا مع الشارع وذهبوا لتدفئتهم باعتبارهم سواعدنا القوية وعار علينا أن نتركهم وحدهم ) ما هم إلا سارقوالثورة الذين يريدون خطف ثمارها فكيف يتم حوارا بين نظام فاسد عقيم مخادع فقد مصداقيته حتى بين من هم في صفوفه ، وبين طرف أخر لاصفة له ، ولا وجود ، فهو لم يكن في خلاف مع النظام ، وليس صانعا للثورة ، أو ممن مهدوا لها ، بل أن جميعهم قد أقر ، واعترف : أن الشباب هو الذي علمنا ولم نعلمه نحن ، أن هذا الشباب صنع ما لم نصنعه نحن فبأي حق يتفاوضون عنهم ، كما لايجوز لأي منهم أن يدعي أن الحوار ، أو التفاوض لتقريب وجهات النظر لأن كل من شارك لم يكن مفوضا من قبل الشباب ، ولا ممن يلقى القبول من الطرفين ، فما يحدث ما هو إلا خيانة ومؤامرة لإجهاض الثورة ، ومحاولة للالتفاف عليها ، وهي عادة النظام التي ليست بجديدة ، وعودة بسيطة للوراء نجد أن كل الوعود والعهود التي قطعها مبارك بشحمه ولحمه على نفسه لم ينفذ منها وعدا واحدا :
أليس هو الذي قطع على نفسه أنه لن يجلس على كرسي الرئاسة إلا دورة واحدة ، أو دورتين على الأكثر .
أليس هو الذي أقسم أن ابنه جمال لن يعمل بالسياسة حينما ألمح البعض أن جمال قام بتشكيل جمعية المستقبل تمهيدا لإشهار حزب سياسي ، وإذا أراد البعض أن يدافع عنه , أو يلتمس له عذرا فسأقول له إنه صادق فابنه لن ولم يشهر حزبا ، ولكن تشكل له لجنة بالحزن الوطني اسمها لجنة السياسات ليترأسها قبل القفز على كرسي الرئاسة الذي فقده بين عشية وضحاها ، وعلى حين غفلة منه ، ودون سابق إنذار ، وكأن كل ما تم من إعداد وتجهيز كان حلما استيقظ منه على كابوس الثورة قبيل سويعات من اعتلاء العرش بصفة رسمية ، ليتوجه ، وينصبه الدجالون أصحاب المصالح الغير شرعية ناهبوا أقوات الشعب .
أليس مبارك هو الذي تآمر على الدستور ولم يسمح بتعديله ولم يستمع إلى ما نادى به الشعب ونادت به القوى الوطنية ونادى به المشاركون أنفسهم في الحوار . إذا عددنا فلن نستطيع حصر الوعود ، والعهود التي قطعت ، والنصائح والصيحات التي لم يستمع إليها ، وصم أذنيه غير متحسبا لهذه الساعة .
وكم من الأصوات التي تعالت ولا تريد إلا الإصلاح , ومحاربة الفساد ، وكم تم تحذيره من أحمد عز ، وصفوت الشريف ، وفتحي شرور ، وكل ترزية القوانين ، والمنافقين ، وخدام السلطان أي سلطان دون خجل أو حياء .
ونأسف كل الأسف على بعض الشرفاء المشتركين معهم غير رؤساء الأحزاب الذين خربوا أحزابهم بالاشتراك مع الحزن الوطني ونربأ بهم أن لا يستمروا في هذه المهزلة حفاظا على تاريخهم الوطني ، ومن العار عليهم أن تكون خاتمة حياتهم التواطؤ مع نظام فاسد بال مخادع مستبد في إجهاض ثورة الشباب أو الالتفاف عليها ، ومن غير المقبول أن تشاركوا في إهدار دم الشهداء .
هل تطمئن ضمائركم وأنتم تعلمون أن ماتفعلونه يعد مؤامرة على شعب ، وتضامنا مع نظام عنيد مخادع غبي لايريد التخلي عن الكرسي حتى لو كان الثمن دمار وطن ، وإبادة شعب . ألم يسأل أحدكم نفسه لماذا لا يكون الحوار على تنحي مبارك أو إسقاطه ، والمطالبة برحيله ، بل ومحاكمته وهو الطرف المدان المستحق للعقاب باعترافكم أن للشباب كل الحق في ثورته ولا عذر له إلا السن ، وإذا كان السن عذرا فلنرفع العقوبة عن الشيخ الزاني ، وعن الشيخ السارق ، والشيخ القاتل .
أظن أن ما اقترفه مبارك ونظامه في الأيام الأخيرة فقط يكفي لإقالة حكومات ، ومحاكمة رؤساء . لا رئيس واحد فقط ! استحلفكم بالله ألم يخجل أحدكم من نفسه وقد رأى ما فعله مبارك وحزبه في مهزلة معركة الجمل ؟ هل تستطيع أية قوة غاشمة تابعة لأعتى النظم الفاشية المستبدة أن تفعل مثل ذلك ؟
هل رأيتم مشاهد السيارات والمصفحات وهي تطارد و تداهم المتظاهرين عن عمد لتقتلهم وتسفك دماءهم ؟ في مشاهد لايستطيع وصف بشاعتها أي مخرج سينمائي لأي من أفلام الرعب ، ولا حتى رعب الخيال العلمي وكم نتج عنها من شهداء ، وإصابات ، وتشوهات .
بعد كل ما حدث من مبارك ، وبعد ما أعطي كل الفرص طوال ثلاثين عاما تشاركون في مؤامرة جديدة من مؤامرات النظام ، وبعدها هل يستطيع أحدكم أن يقف أمام المرآة ويرى نفسه ؟ هل يستطيع أحدكم أن يجلس وزوجته ، أو أبنائه ، أوبناته ، أو أحفاده ويتحدث عن دور وطني له في الماضي أو الحاضر ؟
أشك كثيرا كثيرا كثيرا . ودم الشهداء في رقابكم .
4Share
في