[center][justify]بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الإيمانية هي آصرة العقيدة
الأخوة الإيمانية هي آصرة العقيدة التي تشد المسلمين بعضهم ببعض، وهي الرباط الذي يربط بين قلوبهم، ويوحد صفوفهم ويجمع كلمتهم، وهي كذلك أوثق عرى الإيمان، كما جاء في الحديث عن البراء بن عازب- رضي الله عنه- قال كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: " أتدرون أي عرى الإيمان أوثق قلنا الصلاة قال الصلاة حسنة وليست بذلك قلنا الصيام فقال مثل ذلك حتى ذكرنا الجهاد فقال مثل ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوثق عرى الإيمان الحب في الله عز وجل والبغض في الله" (1).
والأخوة بين المؤمنين لا تنفك عن الإيمان، بل هي ملازمة له، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات:10]. ومن شأن هذه الأخوة إذا صدقت أن تورث التعاون والنصرة، والرحمة، والتكافل، والتناصح، والعفو، والإيثار، والكف عن كل ما يلحق ضرراً بالمسلمين في دمائهم، أو أعراضهم، أو أموالهم، وهي من أعظم النعم التي امتن الله بها على المؤمنين بقوله: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ﴾ [آل عمران:103].
وقد جعل الله تعالى المؤمنين بمنزلة النفس الواحدة وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾ [النساء:29]. وقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ [النور:61]. ويقول تعالى: ﴿ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات:11] .
ومثل الرسول - صلى الله عليه وسلم- المؤمنين بمنزلة الجسد الواحد عن النعمان بن بشير-رضي الله عنه- قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (2). كما شبههم بالبنيان، ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" (3) وشبك بين أصابعه. كما جعل النبي -عليه الصلاة والسلام- المحنة في الله علامة على صدق الإيمان، ففي الحديث: "ثلاث من كن فيه فقد وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار" (4) عن أنس- رضي الله عنه-.
كما جعل من علامات الإيمان أن ينزل المرء أخاه بمنزلة نفسه في حب الخير له، وكراهية الشر، فقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (5) عن أنس-رضي الله عنه-.
وقد رتب الإسلام على هذه الأخوة الإيمانية حقوقاً كثيرة وردت في شأنها الأدلة من الكتاب والسنة، فمن هذه الحقوق:
إفشاء السلام.
تشميت العاطس.
عيادة المريض.
إتِّباع الجنازة.
إجابة الدعوة.
النصح إذا استنصحه، أن يسعى في قضاء حاجته.
إبرار القسم.
نصر المظلوم.
إطعام الطعام.
فك العاني، أن يشفع له.
أن يحب له ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها.
أن يكف عن أذاه : فلا يمسه بسوء في دمه ولا عرضه، ولا ماله.
أن لا يروعه جاداً ولا هازلاً.
أن يتواضع له، قال تعالى: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة:54]. وفي الحديث، عن عياض بن حمار أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد" (6) .
أن يكون به رحيماً، قال تعالى: ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح:29 ].
أن لا يقيمه من مجلسه المباح ليجلس مكانه.
أن لا يهجره فوق ثلاث.
أن لا يغتابه، ولا يبهته، ولا يحقره، ولا يعيبه، ولا يسخر منه ولا ينبزه بلقب سوء، ولا يسيئ به الظن، ولا يتجسس عليه، ولا يحسده.
أن لا يفسقه، ومن باب أولى لا يكفره.
أن لا يبيع على بيعه.
أن لا يغشه، ولا يخدعه، ولا يخونه، ولا يغدر به، ولا يكذب عليه.
أن لا يحمل عليه سلاحاً.
أن لا يفسد عليه زوجته، أو مملوكه.
أن يؤدي له حق القرابة، وحق الجوار.
أن لا يماطله في قضاء دينه.
أن يفي له بالوعد والعهد.
أن يؤدي إليه أمانته.
أن يحفظ سره.
أن يقبل منه إحسانه، ويغض الطرف عن زلاته، ويستر عورته.
أن لا يكلفه ما ليس عنده.
أن يلقاه بوجه طلق.
أن يوقره إن كان كبيراً، ويرحمه إن كان صغيراً.
أن يعرف للعالم حقه.
أن يكرم ذا شيبة.
أن لا يتناجى مع غيره إلا بإذنه.
أن لا يطلع في رسالته إلا بإذنه.
أن لا يستمع إلى كلام يخفيه.
أن لا يدخل داره إلا بإذنه.
أن يعاونه في كل عمل من أعمال البر والتقوى حسب قدرته.
أن يكافئه على المعروف.
أن ينصفه من نفسه.
أن يعامله بمثل ما يحب أن يعامله به.
أن يسعى في الصلح بين المتخاصمين.
أن يعرف لليتيم والأرملة والمسكين حقوقهم.
شؤم الاختلاف المفضي إلى العداوة والشحناء والبغضاء: قال تعالى: ﴿ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [لأنفال:46]. وقال تعالى: ﴿ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران:105]. إن التنافر والعداوة والبغضاء التي سادت كثيراً من الأفراد والجماعات لا يوجد لها مبرر شرعي، أما وجود أخطاء عند هذا أو ذاك فإنه لا يستطيع أحد أن يدعي العصمة لغير من عصم الله تعالى، والأصل في منهج المسلمين: أن يسود بينهم التفاهم، والتناصح، والألفة، والمحبة واجتماع الكلمة، وتوحيد الصف.
إن الاستمرار في هذا المنهج أعني منهج التنافر والتناحر ـ سيولد أجيالاً لا تعرف إلا الحقد والكراهية وسوء الظن، وإصدار أحكام الكفر لأتفه الأسباب، وهو منهج لا يستفيد منه الإسلام والمسلمون شيئاً، بل يشوه صورة الإسلام، وينفذ من خلاله الأعداء، وينفر العامة عن الدعاة إلى الله تعالى، ويضعف هيبة المسلمين وقوتهم، ويفتت بنيانهم.
إننا نريد أن نسعى إلى إيجاد جيل مخلص لله تعالى، متفان في خدمة دينه، ساع إلى وحدة أمته، عارف بالمخاطر المحدقة بها، مدركاً لمهمته في هذه الحياة، لا يجد البغض ولا الحقد ولا العداوة ولا الكراهية إلى قلوب أبنائه طريقاً.
إن من أهداف ومقاصد الدين الحنيف: أن يعيش الناس في وئام ومحبة وألفة، وهذا معلوم من النصوص الواردة في الكتاب والسنة، حتى لقد دعى إلى مقاتلة من يصر على الخروج عن جسم الجماعة بالبغي، وعدم العودة إلى تحكيم شرع الله عند الخلاف، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الحجرات:9] .
وإذا ما وجد من يعكر صفو المحبة، ويغرس الكراهية، والعداوة، ويشق العصا، فهو يسير في خط معاكس لأهداف ومقاصد الشريعة الإسلامية، ويسعى لهدم كيان المجتمع وأسسه.
ولما كان تباين العقول، واختلاف الأفهام، وتفاوت المدارك أمراً اقتضته المشيئة الإلهية، فإنه لا بد من حصول الخلاف بسبب ذلك بين الناس، وقد جعل الله سبحانه العاصم مما يورث العداوة والشقاق عند الخلاف، وهو الرجوع إلى الوحيين، فقال سبحانه: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء:]. وقال: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [النساء:]. وقال: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور:51] .
تأليف فضيلة الدكتور :عبد الوهاب بن لطف الديلمي
تخريج : عبد الوهاب مهيوب مرشد الشرعبي[center]
الأخوة الإيمانية هي آصرة العقيدة
الأخوة الإيمانية هي آصرة العقيدة التي تشد المسلمين بعضهم ببعض، وهي الرباط الذي يربط بين قلوبهم، ويوحد صفوفهم ويجمع كلمتهم، وهي كذلك أوثق عرى الإيمان، كما جاء في الحديث عن البراء بن عازب- رضي الله عنه- قال كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: " أتدرون أي عرى الإيمان أوثق قلنا الصلاة قال الصلاة حسنة وليست بذلك قلنا الصيام فقال مثل ذلك حتى ذكرنا الجهاد فقال مثل ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوثق عرى الإيمان الحب في الله عز وجل والبغض في الله" (1).
والأخوة بين المؤمنين لا تنفك عن الإيمان، بل هي ملازمة له، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات:10]. ومن شأن هذه الأخوة إذا صدقت أن تورث التعاون والنصرة، والرحمة، والتكافل، والتناصح، والعفو، والإيثار، والكف عن كل ما يلحق ضرراً بالمسلمين في دمائهم، أو أعراضهم، أو أموالهم، وهي من أعظم النعم التي امتن الله بها على المؤمنين بقوله: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ﴾ [آل عمران:103].
وقد جعل الله تعالى المؤمنين بمنزلة النفس الواحدة وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾ [النساء:29]. وقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ [النور:61]. ويقول تعالى: ﴿ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات:11] .
ومثل الرسول - صلى الله عليه وسلم- المؤمنين بمنزلة الجسد الواحد عن النعمان بن بشير-رضي الله عنه- قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (2). كما شبههم بالبنيان، ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" (3) وشبك بين أصابعه. كما جعل النبي -عليه الصلاة والسلام- المحنة في الله علامة على صدق الإيمان، ففي الحديث: "ثلاث من كن فيه فقد وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار" (4) عن أنس- رضي الله عنه-.
كما جعل من علامات الإيمان أن ينزل المرء أخاه بمنزلة نفسه في حب الخير له، وكراهية الشر، فقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (5) عن أنس-رضي الله عنه-.
وقد رتب الإسلام على هذه الأخوة الإيمانية حقوقاً كثيرة وردت في شأنها الأدلة من الكتاب والسنة، فمن هذه الحقوق:
إفشاء السلام.
تشميت العاطس.
عيادة المريض.
إتِّباع الجنازة.
إجابة الدعوة.
النصح إذا استنصحه، أن يسعى في قضاء حاجته.
إبرار القسم.
نصر المظلوم.
إطعام الطعام.
فك العاني، أن يشفع له.
أن يحب له ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها.
أن يكف عن أذاه : فلا يمسه بسوء في دمه ولا عرضه، ولا ماله.
أن لا يروعه جاداً ولا هازلاً.
أن يتواضع له، قال تعالى: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة:54]. وفي الحديث، عن عياض بن حمار أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد" (6) .
أن يكون به رحيماً، قال تعالى: ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح:29 ].
أن لا يقيمه من مجلسه المباح ليجلس مكانه.
أن لا يهجره فوق ثلاث.
أن لا يغتابه، ولا يبهته، ولا يحقره، ولا يعيبه، ولا يسخر منه ولا ينبزه بلقب سوء، ولا يسيئ به الظن، ولا يتجسس عليه، ولا يحسده.
أن لا يفسقه، ومن باب أولى لا يكفره.
أن لا يبيع على بيعه.
أن لا يغشه، ولا يخدعه، ولا يخونه، ولا يغدر به، ولا يكذب عليه.
أن لا يحمل عليه سلاحاً.
أن لا يفسد عليه زوجته، أو مملوكه.
أن يؤدي له حق القرابة، وحق الجوار.
أن لا يماطله في قضاء دينه.
أن يفي له بالوعد والعهد.
أن يؤدي إليه أمانته.
أن يحفظ سره.
أن يقبل منه إحسانه، ويغض الطرف عن زلاته، ويستر عورته.
أن لا يكلفه ما ليس عنده.
أن يلقاه بوجه طلق.
أن يوقره إن كان كبيراً، ويرحمه إن كان صغيراً.
أن يعرف للعالم حقه.
أن يكرم ذا شيبة.
أن لا يتناجى مع غيره إلا بإذنه.
أن لا يطلع في رسالته إلا بإذنه.
أن لا يستمع إلى كلام يخفيه.
أن لا يدخل داره إلا بإذنه.
أن يعاونه في كل عمل من أعمال البر والتقوى حسب قدرته.
أن يكافئه على المعروف.
أن ينصفه من نفسه.
أن يعامله بمثل ما يحب أن يعامله به.
أن يسعى في الصلح بين المتخاصمين.
أن يعرف لليتيم والأرملة والمسكين حقوقهم.
شؤم الاختلاف المفضي إلى العداوة والشحناء والبغضاء: قال تعالى: ﴿ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [لأنفال:46]. وقال تعالى: ﴿ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران:105]. إن التنافر والعداوة والبغضاء التي سادت كثيراً من الأفراد والجماعات لا يوجد لها مبرر شرعي، أما وجود أخطاء عند هذا أو ذاك فإنه لا يستطيع أحد أن يدعي العصمة لغير من عصم الله تعالى، والأصل في منهج المسلمين: أن يسود بينهم التفاهم، والتناصح، والألفة، والمحبة واجتماع الكلمة، وتوحيد الصف.
إن الاستمرار في هذا المنهج أعني منهج التنافر والتناحر ـ سيولد أجيالاً لا تعرف إلا الحقد والكراهية وسوء الظن، وإصدار أحكام الكفر لأتفه الأسباب، وهو منهج لا يستفيد منه الإسلام والمسلمون شيئاً، بل يشوه صورة الإسلام، وينفذ من خلاله الأعداء، وينفر العامة عن الدعاة إلى الله تعالى، ويضعف هيبة المسلمين وقوتهم، ويفتت بنيانهم.
إننا نريد أن نسعى إلى إيجاد جيل مخلص لله تعالى، متفان في خدمة دينه، ساع إلى وحدة أمته، عارف بالمخاطر المحدقة بها، مدركاً لمهمته في هذه الحياة، لا يجد البغض ولا الحقد ولا العداوة ولا الكراهية إلى قلوب أبنائه طريقاً.
إن من أهداف ومقاصد الدين الحنيف: أن يعيش الناس في وئام ومحبة وألفة، وهذا معلوم من النصوص الواردة في الكتاب والسنة، حتى لقد دعى إلى مقاتلة من يصر على الخروج عن جسم الجماعة بالبغي، وعدم العودة إلى تحكيم شرع الله عند الخلاف، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الحجرات:9] .
وإذا ما وجد من يعكر صفو المحبة، ويغرس الكراهية، والعداوة، ويشق العصا، فهو يسير في خط معاكس لأهداف ومقاصد الشريعة الإسلامية، ويسعى لهدم كيان المجتمع وأسسه.
ولما كان تباين العقول، واختلاف الأفهام، وتفاوت المدارك أمراً اقتضته المشيئة الإلهية، فإنه لا بد من حصول الخلاف بسبب ذلك بين الناس، وقد جعل الله سبحانه العاصم مما يورث العداوة والشقاق عند الخلاف، وهو الرجوع إلى الوحيين، فقال سبحانه: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء:]. وقال: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [النساء:]. وقال: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور:51] .
تأليف فضيلة الدكتور :عبد الوهاب بن لطف الديلمي
تخريج : عبد الوهاب مهيوب مرشد الشرعبي[center]