أمراء البترول يدافعون عن كراسي الاستبداد
حسين عبد المعبود
الحوار المتمدن - العدد: 3312 - 2011 / 3 / 21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
نتابع أخبار الثوار في بلادنا العربية بقلق شديد ، فقد آن الأوان أن تنعم شعوبنا العربية بالحرية كغيرها من الشعوب الحرة التي تنعم بالحرية والديمقراطية ، ولكن للأسف الشديد حكامنا لا يريدون ذلك ، لأن في ذلك سلبا لاستبدادهم ، وقضاء على ظلمهم ، وتضييقا على سرقاتهم ، ونهبهم للثروات التي وهبنا الله إياها ، كي ننعم بها ، ونستثمرها في عمليات البناء والتنمية لصالح الجيل الحالي وصالح الأجيال القادمة ،ولكن لأنهم جبلوا على الظلم والطغيان ونهب الثروات فإنهم لا يسمحون بأن تعبر الشعوب عن مطالبها المشروعة في أن تحيا حياة ديمقراطية ولا عن حقها في الحرية ولو بوقفة احتجاجية ، أو تظاهرة سلمية خوفا من تطور الأمور فيفقدوا المال والجاه والسلطان كما حدث في تونس ، وفي مصر المحروسة .
ولأنهم لا يستطيعون أن يعيشوا كما نعيش ، ولا لديهم القدرة على ممارسة الحكم بالطرق الديمقراطية ، لأنها كاشفة لكل الأساليب الغبية من : ظلم واستبداد وطغيان وسرقة لثروات الشعوب . فكان لا بد لهم أن يهبوا للقضاء على أي حركة من الحركات الاحتجاجية مهما كان الثمن ، ولا يتورع أحدهم أن يخرب بلده ، وأن يحرق شعبه عملا بالمثل القائل : ( أنا والمال ، ومن بعدي ابني أو الطوفان ) وانظروا إلى كل النظم العربية ، وبلا استثناء ، كلها توريث وسرقات ، الممالك توريث إما للأبناء ، وإما للأشقاء ، والجمهوريات في بلادنا العربية التي ذابت عشقا في الممالك أصبحت كذلك ، ممالك تحت اسم مستعار هو ( جمهوريات ) مع كل الاحترام لكل ممالك الغرب ، وكل الرؤساء الجالسين على العرش الآن منهم من أتى عن طريق التوريث ، ومن لم يأت منهم عن طريق التوريث ، يسعى جاهدا لتوريث ابنه من بعده ، هذا بخلاف الثروات المتضخمة والتي قاربت على أن تماثل ضخامة كوكب المشترى لكل ملك أو رئيس دون النظر إلى ثروات أحد أفراد العائلة ، أو أحد أفراد النظام ، وانظروا إلى ثروات بن علي وعائلته ، وإلى ثروة مبارك الأب والابن والزوجة وأفراد النظام ، وإلى القذافي وأبنائه الثمانية ، وسوف اترك لكم الكلام عن : ( علي عبدالله صالح ) .
ولن نتكلم الآن عن ملوك وأمراء البترول . ولكن نظرة سريعة إلى من أمر بإعطاء كل فرد من أفراد شعبه منح وأطعمة تكفيه لمدة عام قادم ولماذا لم تعط هذه الهبات وهذه العطايا إلا بعد ثورة تونس . وإلى من أمر بإعطاء الهبات والعطايا لأفراد شعبه بعشرات المليارات بحجة العود الحميد إلى أرض الوطن بعد رحلة العلاج ، علما بأنها ليست رحلة العلاج الأولى ، ولكن الأولى بعد الثورة المصرية ، وأخيرا صرف راتب شهرين لكل من العاملين في المملكة ولكل طالب علم ، ومبلغ 2000 ريال شهريا لكل باحث عن عمل ، علما بأنها ليست أمواله ، ولا أموال أبيه فهي أموال الشعب .
أشياء عظيمة وجميلة لو تمت في جو ديمقراطي ومن خلال منظومة الحق والواجب باعتبار أن الجميع شركاء في هذا الوطن ولكل حقه في ثروة بلاده ، لا من خلال منظومة الهبات والعطايا والاستجداء ، فلا يمكن أبدا ومن غير المقبول أن يحصل المواطن على حقه بالاستجداء والتسول ، أو انتظارا للهبات والعطايا التي يجود بها أمراء البترول ، في حين إذا نظرنا إلى الأمر بروية وتمحص نجد أن هؤلاء الأمراء هم الذين يستجدون رضاء الشعوب ، وما هذه الهبات ولا هذه العطايا إلا ثروات منهوبة تعطى للشعوب على سبيل الرشوة وإلا لماذا لايصنع ذلك إلا وقت الخطر وهذا من قبيل الغباء السياسي ، فما المانع من أن تعطى الشعوب حقوقها السياسية ، والاقتصادية وفي ذلك ضمان للحاكم قبل المحكوم ، ورفعة لقدر الحاكم ومكانته ، بدلا من الخوف الذي ينتج عنه الهرولة واستجداء رضاء الشعوب برد بعض فتات الثروات المنهوبة .
وخوفا من المد الثوري الذي تنتقل عدواه وبسرعة ولأن هؤلاء الأمراء يعلمون جيدا أن الهبات والعطايا ماهي إلا مسكنات وقتية مفعولها يزول بمرور الوقت فكان لابد من البحث عن وسيلة أخرى أكثر ضمانة ، فهداهم غباؤهم السياسي إلى مزيد من القمع ، وإلى مزيد من الاستبداد ، وبدلا من أن يحث الأمراء بعضهم البعض على ضرورة الحوار ، وإطلاق الحريات ، وممارسة الطرق الديمقراطية للوصول إلى حلول مرضية للجميع ، كانت هرولة الأمراء إلى الأمر بإرسال قوات نظامية للمشاركة في قمع المحتجين بدولة البحرين بحجة تفعيل ميثاق مجلس التعاون الخليجي ( قوات درع الخليج ) ، والحقيقة تقول غير ذلك وما إرسال هذه القوات إلا لسحق المحتجين الذين يطالبون بإجراءات لإصلاح النظام للحصول على بعض حقوقهم في الحرية والديمقراطية ، وحتى يكونوا عبرة لغيرهم ممن تسول لهم أنفسهم القيام باحتجاجات أو تظاهرات مطالبة بالإصلاح ، أو الحرية ، أو الديمقراطية ، لأن التظاهرات والاحتجاجات سلمية والعنف دائما من جانب قوات الأمن ، أي أن المتظاهرين أو المحتجين يمكن التعامل معهم بأقل قوة أمنية ولا داعي أبدا لاستجلاب قوات أخرى من دول صديقة ، يكفي الحوار بعد تطمينات واتخاذ إجراءات على طريق الإصلاح والحرية والديمقراطية ، ولن يضرهم ذلك في شيء إذا كانوا صادقين فيما يزعمونه من أنهم ليسوا طغاة أو مستبدين ، أما وقد استجابوا ، وسارعوا بإرسال قوات فهم يبرهنون أنهم لا يدافعون عن البحرين فليس هناك خطر ، وإنما يدافعون عن كراسيهم التي لا شرعية لها إلا بالاستبداد والظلم والطغيان .
ونحن نقول لهم الدفاع الحقيقي عن كراسي الحكم ليس بالاستبداد والظلم والطغيان ، ولكن بالعدل والحرية والديمقراطية فهي الشرعية الحقيقية ، وإلا فنهاية حكمكم حتما قادمة وأنتم زائلون لأن الشعوب لا تزول ، إنما الحكام هم الزائلون ، وخذوا الدرس من تونس ومصر .
خدمة جديدة - تجريبية
نظام اخر للتعليقات مدموج بالفيسبوك - التعليق سينشر في الحوار المتمدن والفيسبوك في ان واحد