ولتكن بداية .... لرحيل الحزب الوطني
حسين عبد المعبود
الحوار المتمدن - العدد: 3218 - 2010 / 12 / 17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
ولتكن بداية ..... لرحيل الحزب الوطني
نحزن كثيرا على تفكك واختلاف القوى الوطنية المعارضة لنظام حكم مبارك ، وعدم اتحادهم على هدف واحد هو :اسقاط الحزب الوطني ، صاحب الحكومات المتعاقبة التي أودت بنا إلى هاوية الفقر والجهل والتخلف ، وأفرغت الوطن من كل مضمون إنساني ، فنحن نعرف أن الوطن ليس أرضا وطينا ، وليس يابسة وماء ، إنما الوطن أمن وأمان ، حرية وديمقراطية ، عدل ومساواة ، حقوق وواجبات ، سيادة قانون ، أما إذا أهين الوطن بإهانة أبنائه ، وسلبت منهم كل الحقوق ، وحرموا من كل القيم الإنسانية فكيف نسميه وطنا ؟
فلا أمن لمواطن يسكن على أرض المحروسة باستثناء علية القوم ، لا أمن شخصي ، ولا أمن على الحياة ، فلا أمن غذائي : وكلنا يعاني غول الغلاء الفاحش المتصاعد يوما بعد يوم ، وكلنا يخوض معركة يومية في سبيل الحصول على رغيف الخبز من خلال طوابير اعتدنا عليها ، واعتاد المسئولون أن يرونا كذلك فلم يعد يؤلمهم ذلك ، بالعكس هم يريدون لنا ذلك حتى نكون في شغل شاغل ، وهم دائم بلقمة العيش ، فلا يكون هناك وقت لمحاسبتهم . وتذكروا كم تغنى الحزب الوطني منذ سنين وغنى علينا بكلام عن مشروعات لمحاربة الجوع وتحقيق الأمن الغذائي .
ولا أمن ضد البطالة ، فالملايين من شباب مصر يجلس بلا عمل ، ولا يوجد بيت واحد في مصر لا يعاني من أزمة البطالة . ولا تنسوا أن البرنامج الانتخابي للسيد الرئيس كان يضمن توفير 4.5 مليون فرصة عمل خلال الدورة الخامسة لسيادته والتي قاربت على الانتهاء .
ولن نتكلم عن انبوبة الغاز التي عجزت حكومة الحزب الوطني عن توفيرها إلا من خلال الطوابير ، ومع ذلك يمنون علينا بحديث شبه يومي عن دعم الأنبوبة وما تتحمله الدولة من خسائر تمهيدا لرفع سعرها ، والرجوع بنا خطوات إلى الخلف ، والعودة إلى استخدام المواقد الخشبية ( الكانون ) ومعها وبالتأكيد سترتفع نغمة الحديث عن الجهود المضنية التي تبذلها حكومة الحزب الوطني من اجل رفاهية المواطن المصري .
أي أمن والمواطن المصري لا يجد كوبا من المياه النظيفة النقية . بل أين الأمان وأنت لاتأمن على يومك ، ولا تأمن على غدك ؟ والواقع مرير ، وصورة المستقبل معتمة ، جعلت الجميع يحيا في هم وغم ، حزن وتوتر في الحاضر ، وقلق وخوف من المستقبل .
ولا حرية ولا ديمقراطية ، وانتخابات مجلس الشعب 2010 خير شاهد على ذلك ، من تسخير كل أجهزة الدولة لصالح مرشحي حكومة الحزب الوطني ، إلى تدخل المسئولين وبلطجية الحزب الوطني ، وتدخل كثير من رجال الشرطة في العملية الانتخابية بالتزوير والتقفيل وتسويد البطاقات الانتخابية لصالح مرشحي الحزب ، أو إرهاب وترويع الناخبين حتى يجلسوا في بيوتهم خوفا من البطش والإرهاب ، أو الذهاب إلى اللجان الانتخابية بنية انتخاب مرشح الحكومة .
أي حرية وأي ديمقراطية في بلد تتولى فيه الحكومة انتخاب مرشحيها بدلا من الناخبين أصحاب الحق الأصيل في انتخاب نوابهم ليكونوا وكلاءعنهم .
أي حرية وأي ديمقراطية في بلد احتل فيه حزب الحكومة الأغلبية الساحقة من مقاعد مجلس النواب ولم يسمح إلا لقلة محدودة من بعض رجال الأحزاب المهمشة ، ومن بعض المستقلين والتي لولا انسحاب حزب الوفد وكتلة الإخوان من الجولة الثانية للانتخابات احتجاجا على التزوير ما أتى بهم .
ولا يوجد عدل ولا توجد مساواة ، أي عدل وأي مساواة قي بلد الكلمة العليا فيه لتجار الحديد .
أي عدل وأي مساواة في بلد عادت إليه الرأسمالية ولكن هذه المرة متوحشة لتتحكم في كل شيء ، وتلتهم كل شيء ولا تترك شيئا للفقراء .
أي عدل وأي مساواة وقد عاد الإقطاع من جديد وبصورة أبشع وأقبح ، منه المحلي ، ومنه المستورد ...أقصد بالمحلي : صاحب السلطان وتابعيه من المصريين، وأقصد بالمستورد : من يقولون عنهم أمراء عرب أو جنسيات أخرى بيعت لهم إقطاعيات كبيرة من الأرض بأسعار زهيدة أو بما يشبه الهبات ، وكان من الممكن استغلالها لصالح الشباب الجالس بلا عمل رغم حصول معظمهم على مؤهلات أغلبها مؤهلات عليا .
إذا أردت التأكد من العدل والمساواة اذهب وحاول أن تلحق ابنك او أخيك بإحدى الكليات الحربية أو كلية الشرطة أو أن تلحقه بالنيابة ، وستعرف وتتأكد هل هناك عدل ومساواة أم لا ؟
اذهب إلى أي مصلحة حكومية أو اذهب إلى أي ديوان حكومي لقضاء أي مصلحة في : صناعة ، زراعة ، تجارة ، تموين ، طرق ، مرور ، شرطة وإلا الشرطة ووقتها سوف تتأكد هل هناك عدل ومساواة أم لا ؟
وقل ما تقول في الحقوق والواجبات : أين حق كل منا في التعليم ، وفي العلاج ، وفي العمل ، وفي اختيار ممثلينا في البرلمان كي يؤدي كل منا ما عليه من واجبات ؟ التعليم حالته لا تسر عدو ولا حبيب ، ولا تصنيف لأي جامعة من الجامعات المصرية ، فلم يكن لأي من جامعاتنا نصيب ضمن افضل 500 جامعة في العالم ويالها من وكسة .
العلاج : كلنا يعرف حكاية العلاج على نفقة الدولة وما نشر من فضائح كلها تمس الأكابر ، ولا نصيب للفقراء . ناهيك عن سوء حال مستشفيات الحكومة ، وارتفاع تصاعدي في أثمان الدواء .
حق العمل : لاتوجد فرص عمل لا في القطاع العام ولا في القطاع الخاص ، وكل الفرص محجوزة لولاد الإيه .
( فقر وجهل ومرض ) كلها من صناعة الحزب الوطني الجالس على العرش منذ أكثر من 30 سنة فشل ، ولن يستطيع أن يلقي بمسئولية الفشل على من قبله ، فهو في اولها ، وهو في آخرها .
بأي حق يحتكر الحزب الوطني السلطة ؟ وبأي حق يحتكر مقاعد مجلس الشعب لحسابه الخاص ؟ وبأغلبية ليس لها مثيل في العالم ، من حق كل منا أن يختار المرشح الذي يريده دون ضغط أو إجبار او إكراه حسب نص الدستور !! ولكن هل ميسور لك أو متاح أن تدلي بصوتك لمن تريد دون التعرض للضغط أو الإرهاب من بلطجية الحزب الوطني ومن رجاله ومن كثير من رجال الشرطة ومن رؤ سائك في العمل ؟
الحقوق ضائعة ومسلوبة ، فكيف تؤدى الواجبات ؟ وما دامت الحقوق ضائعة إلا حقوق الكبار والأغنياء فلا واجبات إلا على الضعفاء والفقراء .
أما عن سيادة القانون فحدث ولا حرج ، فأي سيادة للقانون وأحكام قضائية لم تنفذ ؟ وطرق الالتفاف من الحكومة كثيرة ، آخرها أحكام محكمة القضاء الإداري لصالح بعض المستبعدين من الترشح لمجلس الشعب ، وأحكام أخرى بوقف الانتخابات في بعض الدوائر ، وثالثة بإلغاء نتائج الانتخابات في دوائر بأكملها كلها لم تنفذ .
أي سيادة للقانون وقانون الطوارئ ( الأحكام العرفية ) سيف مسلط على الرقاب منذ اكثر من ثلاثين سنة ؟
أي سيادة للقانون والمواطن المصري محروم من المثول أمام القاضي الطبيعي إلا إذا كانت هذه هي إرادة الحاكم ؟ فكثير من القضايا كانت امام المحاكم العسكرية .
لكل مانعيشه من واقع : مرير ، أليم ، قاس ، موجع ، مهين ، وكل ما قيل ، وما لم يقال عن الفساد والرشوة والمحسوبية كان لزاما علينا جميعا وأخص كل قوى المعارضة من الأحزاب والمستقلين أن تتحد جميعها في مواجهة الحزب الوطني ، ولتكن البداية ما طرح عن تشكيل البرلمان البديل أو الموازي لبرلمانهم المشوب بشبهة البطلان ويكون هذا البرلمان منبر المعارضة الذي يشرح لهم وجهات النظر الصحيحة والحلول المناسبة .
نعرف مقدما أنهم يمتلكون أغلبية مجلسهم أي يمتلكون القرار ويمتلكون التنفيذ ، ونحن لا نملك إلا أن نفند كل قرار : نبين محاسنه ومساوئه والآثار المترتبة على تطبيقه ، ونترك للمواطن حرية المقارنة ، والحكم على الأمور دون تزييف أو تضليل أو خداع .
ولتكن بداية لتناسي الأيدلوجيات مرحليا أو مؤقتا حتى يتم إزاحة الحزب الوطني بعدها وبالتأكيد ستكون الحياة أحلى وأجمل ننعم فيها بالحرية التي تمكننا من أن يمارس كل منا نشاطاته وفق أيدلوجيته الخاصة ، وأن نختار نوابنا وممثلينا في برلمان حر يعبر عنا وعن أمانينا ، وعن اختيارنا لأسلوب وطريقة حكمنا ، وشكل وملامح الحياة التي نريدها وفق عقد اجتماعي جديد بأسس ومبادئ تضمن لنا جميعا : الحرية ، والعدل ، والمساواة في الحقوق والواجبات ، وتكافؤ الفرص ، وسيادة القانون مستلهمين القاعدة القانونية من قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه : ( القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له ) .
وليكن تزوير الحكومة لانتخابات مجلس الشعب بداية لنا للتخلى عن الحذر خوفا من إلصاق تهمة الخيانة أو العمالة لأحدنا فنخشى ونخاف من المطالبة بالمراقبة الخارجية للانتخابات ، أي انتخابات .
ألم يذهب مصريون لمراقبة الانتخابات في أمريكا ؟ ألم نذهب إلى إسرائيل ذاتها؟ فما المانع من حضور منظمات شعبية لا حكومية من دول أخرى لمراقبة الانتخابات في مصر ؟ ولنترك الخوف من دعواهم الكاذبة التي تقول أن ذلك يفتح الباب للتدخل الأجنبي !!!
( لأن باب التدخل الأجنبي هو : ممارسات الحكومات المستبدة من فساد ، وطغيان ، وظلم ، واستعباد ، وقمع للحريات ).فمصر عندما ذهبت إلى دول أخرى لمراقبة الانتخابات لم نسمع أن ذلك تدخلا في الشئون الداخلية لتلك الدول ، ولم يقل أحد أبدا مثل هذا الكلام . لا في الداخل ، ولا في الخارج . وصدق المثل القائل : ( لا يخشى الميزان إلا صاحب الكيل الناقص ) .
ولتكن بداية لتجمع المصريين جميعا حول مطالب كل القوى المعارضة ، والتي عبر عنها الدكتور / محمد البرادعي وأهمها : إشراف القضاء الكامل على كل مراحل العملية الانتخابية ، وتعديل مواد الدستور أرقام 76 ، 77 ، 88 ) .
ولتكن بداية .... خاصة أننا على أبواب انتخابات أكثر أهمية تتعلق بالتمديد أو التوريث !
لتكن بداية ............. لرحيل الحزب الوطني .
في فضاءات رندا قسيس
الموقع الرسمي