التعليم ( المشكلة والحل) رؤية ليست متشائمة ولكنها تحتاج لمناقشة
حسين عبد المعبود </A>
الحوار المتمدن - العدد: 3103 - 2010 / 8 / 23
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع</FONT> [b]
[/b]
حسين عبد المعبود </A>
الحوار المتمدن - العدد: 3103 - 2010 / 8 / 23
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع</FONT> [b]
التعليم (المشكلة والحل)
رؤية ليست متشائمة ... ولكنها تحتاج لمناقشة
مقدمة:
لما كان التعليم قضية أمن قومي : أمن الحدود ، أمن الجبهة الداخلية ، والسلام الاجتماعي لكل أفراد الشعب على اختلاف طبقاته ،وفئاته ، وأطيافه السياسية . أمن اقتصادي: زراعة . صناعة . تجارة . استثمار . أمن فكري: ضد التطرف ، وضد العنف ، ومع التسامح وقبول الأخر .
لذلك وجب علينا ان نواجه مشكلة التعليم بكل صراحة ،وبكل مصداقية باعتبارها هم الوطن الأول الحالي والمستقبلي.
فلن نستطيع مواجهة غول الغلاء وجنون ارتفاع الأسعار,ولن ننهض اقتصاديا ، ولن يعم الرخاء إلا بالعلم وهذا يحتاج إلى نهضة تعليمية تبدأ بالمصارحة والمكاشفة لاعلى طريقة تمام يا فندم كله ميه ميه أو سوف نقوم بعمل كذا... وسوف نعمل كذا ... أو يجب أن يكون كذا ...لأن كل ذلك لايتعدى إلا أن يكون مدخلا إلى موضوع إنشائي جميل . ولكن المواجهة تكون بالفعل لا بالقول . ولنا في تجربة ماليزيا أكبر مثل وتأملوا ما فعله د/ مهاتير محمد انظروا كيف تحول حال الهند وباكستان التي أصبحت تمتلك القنبلة النووية .
فهل آن الأوان أن نفكر ونتأمل في مشكلة التعليم في مصر .
نظرة :
إذا نظرنا إلى المباني والتجهيزات المدرسية وجدنا تطورا واضحا قد حدث : المباني ضخمة . فخمة . والتجهيزات حديثة : وسائل تعليمية تكنولوجية : شفافيات . لوحات مغناطيسية . فيديو . تلفزيون . أجهزة عرض . معامل وسائط متعددة .معامل للحاسب الألي . معامل علوم مطورة على أحدث مستوى . وكذلك مكتبات مطورة ، وراقية .
وإذا نظرنا إلى المعلم وجدنا معلما مختلفا تماما عن معلم الأمس :ثقافيا ، وفكريا ، واجتماعيا ، ومهنيا ، وأخلاقيا .
وإذا نظرنا لولي الأمر وجدناه هو الأخر قد تغير من إنسان يسعى لتعليم أبنائه بغرض الإرتقاء بهم على السلم الاجتماعي في مجتمع مفترض أنه يقدر العلم ويحترم العلماء إلى إنسان كل همه حصول ابنه على ذلك المصوغ ( الشهادة ) وبأي طريقة حتى لو كانت بالغش والتدليس ، وشراء الذمم .
انظر إلى خريج اليوم وتأمل مستواه الفكري والثقافي والأخلاقي . تجد تراجعا كبيرا قد حدث .
قارن بين خريج الأمس وخريج اليوم . قارن بين مستوى الحاصل على الابتدائية القديمة أو الحاصل على الإعدادية قديما ومستوى خريج الثانوية العامة بل خريج الجامعة اليوم .
ولن أتكلم عن مستوى خريج المدارس الثانوية الفنية الذي هبط إلى أقل من مستوى صبي صغير في ورشة صغيرة .
المشكلة :
تتلخص المشكلة في تدني مستوى الخريج في أي مرحلة وفي كل الجوانب : الشخصية ، والفكرية ، والسلوكية ، والوجدانية والأخلاقية ، والثقافية ، والمهنية .
وللمشكلة أسباب عامة تتعلق بالمناخ العام والنظام السائد ، و أسباب خاصة تتعلق بالمجتمع ، والبيئة المحيطة من هذه الأسباب :
- عدم ربط التعليم بسوق العمل : أي أنه لاتوجد سياسة تعليمية تتعرف على سوق العمل ، وتقوم بإعداد الطالب الإعداد المناسب لاحتياجات سوق العمل ، وكذلك عدم الاهتمام بالتعليم الفني وخاصة التخصصات اللازمة لسوق العمل .
-التوسع في التعليم العام الأدبي على حساب التعليم العملي : بمعنى عدم تشجيع الطلاب على الالتحاق بالكليات العملية ،والتحفيز عليها . ويجب العكس ليقل الإقبال على الكليات الأدبية لأن بناء البلاد يحتاج إلى العمل .
- تخلي الدولة ووزارة القوى العاملة عن دورها في تشغيل الخريجين : مما جعل الطالب وولي الأمر غير مهتم بالتعليم ولا بالعملية التعليمية ، لأنه مهما اجتهد فلن يجد العمل المناسب هذا إن وجد فرصة عمل أصلا .
- تردي الأحوال الاقتصادية : انعكس على العملية التعليمية وعلى المدرس ، وولي الأمر وجعل كل منهما مشغولا بلقمة العيش ، وأهمل المعلم دوره كمربي ، وموجه ، ومفكر ، وأهمل ولي الأمر دوره كمربي ، ومتابع للأسرة .
- تضارب السياسات التعليمية ، وعشوائية اتخاذ القرارات مثل : إلغاء الصف السادس ، ثم عودة الصف السادس . الثانوية العامة سنتان بدلا من سنة ، ثم الشروع في العودة إلى نظام السنة الواحدة .
- شيوع ثقافة أو سياسة كله تمام يا فندم : بمعنى التصفيق لأي قرار ، وأي سياسة مهما كانت السلبيات ، ولا توجد شجاعة المصارحة وإنما على طريقة ميه ميه ، وهو دا الشغل ولا بلاش . فنحن (أقصد المدرسين والعاملين بالإدارات والمدريات التعليمية وجهات المتابعة المحلية والوسطى والعليا ) الذين صفقنا لإلغاء الصف السادس ، ثم احتفلنا بعودته . وقس على ذلك الكثير .
- عدم تدريب المعلمين ، وتأهيلهم لمواجهة واقع المرحلة وتنفيذ الأفكار الجديدة والمتطورة ، وكذلك الموجهين والمتابعين : فلا بد من نشر ثقافة التغيير ، والتطوير .ليكون الجميع على قناعة تامة بضرورة التغيير ، ويكون العمل وفق منظومة ذات هدف واضح ، ومحدد . لا من باب الحكومة عايزة كده . واربط القرد ......
- عدم المتابعة الجادة ، والفعالة من الجهات : المحلية ، والعليا : حيث يتركز دور الموجهين ، والمتابعين : على الورقيات ن وتسديد الخانات . بعيدا عن الهدف الأصلي والأساسي لمنظومة التعليم . وكل ما يهمهم السجلات ... مستوفاة أم لا , أما الخطة من حيث كيفية وضعها ، وكيفية تنفيذها ، وتقييمها لمعرفة الأسباب التي أدت إلى إنجاز ما تم إنجازه ، أو الإخفاق فيما لم يتم إنجازه . فذلك بعيد تماما عن هدف أي متابع .
- إصدار القرارات دون دراسة جيدة ، ودون النظر لقابلية تنفيذها من عدمه : فأحيانا كثيرة تكون الأفكار جيدة ، ولكن القائمين على التنفيذ غير مؤهلين للتنفيذ ثقاقيا ، ومهنيا . فيجب إرجاء الفكرة . وسرعة التنفيذ تعتمد على سرعة التأهيل التي تؤدي إلى سرعة التنفيذ ( طبق ذلك في تدريس اللغة الإنجليزية بالمرحلة الابتدائية ، وأسند تدريس المادة إلى خريجي المعلمين والمعلمات ، والثانوية العامة ، والثانوية االفنية) . ويحدث ذلك الأن في عملية التقويم الشامل ، وأنا لست ضدها . فأنا من أشد المتحمسين المقتنعين بضرورة التطوير ، والتغيير . ولكن لا بد من التدريب الكافي للقائمين على الأمر . وبلاش حجة هل نقف والعالم يسير من حولنا ؟
- عدم وجود ألية تجعل لوكيل المدرسة أو موجه القسم أو موجه المادة او موجه النشاط دور فعال :
فالوكيل لا يقوم بأعمال التدريس ، والإشراف على الورق ويرفض الترقية حتى لا يتحمل أي مسئولية . مما يؤدي إلى الترهل المهني ، وانتشار الكسل ، والسلبية بين أفراد المؤسسة . لأن كل شيء بالعدوى ، ولأنهم غالبا كبار السن فلا يحاسبون ، ولا تقل هناك لائحة تنظم ذلك . فاللائحة موجودة ولكن لاتفعل . وتفعيلها صعب ، بل مستحيل لأسباب ندعي أنها إنسانية ، وأسباب أخرى تتعلق بالمناخ العام .
وكذلك موجه القسم ، أو موجه المادة ، أو موجه النشاط . لأن وظيفة موجه وظيفة مريحة ، وبلا مسئولية جعلت الكثير ممن يرقون يرغبون في الترقية إلى وظيفة موجه هروبا من وظائف الإدارة المدرسية ، وخوفا من تحمل المسئولية .
ولأن الموجه غالبا ما يتابع حوالي 28 فصلا أي مدرسة كبيرة أو اثنتين أو ثلاثة مدارس على الأكثر أي أنه يتابع المدرسة شبه يوميا ، أو كل يومين ، أو كل ثلاثة أيام على أقصى تقدير .
وموجه المادة أو موجه النشاط يتابع من 6 : 10 مدارس أي أنه يتابع المدرسة كل أسبوع ، أو كل عشرة أيام . مما أدى إلى : أن كثرة عدد الموجهين ، وكثرة عدد أيام المتابعة أفقدت التوجيه كل مزاياه ، وجعلته عبئا على المدرسة ، وأحد أسباب أزمة التعليم للأسباب الأتية :
1- كثرة تردد الموجه على المدرسة أفقدته الجاذبية ، وأفقدته الخشية الأدبية ، وبالتالي فلا فائدة من وجوده بالمدرسة .
2- ولأن السلبيلت متشابهة ، وكل سلبية تحتاج إلى وقت لعلاجها ، والموجه كثير التردد على المدرسة . فأصبح لايجد ما يقوله ، وإذا وجه في المرة الأولى فماذا يقول في المرة الثانية أو الثالثة ؟... الأمر الذى جعله يصرف النظر عن دوره كموجه ، ويكتفي بما نعتقد زورا أنها علاقات إنسانية .
3- مادام الموجه تخلى عن دوره ، وغالبيتهم قد اختاروا التوجيه هروبا من المسئولية فلماذا يذهب إلى المدرسة ؟ وإذا ذهب اكتفى بالتوقيع في سجل الأمن ، وكشاف الموجهين ، ويكتب زيارة لا فائدة فيها إلا العناوين الخاصة بعناصر التوجيه . مع ملا حظة أنه لا يذهب إلى المدرسة إلا وسط اليوم الدراسي تفاديا لعملية التوجيه ، وتحسبا لحضور البعض من لجان المتابعة .
4- إذا حاولت المدرسة أن تطبق اللائحة ، وألزمت الموجه بالحضور المبكر ، والانصراف في نهاية اليوم الدراسي ، أو المشاركة في رسم السياسة التعليمية ، وتوجيه المعلمين . يعدل خط السير ، ويذهب إلى مدرسة أخرى . وإذا دعى الأمر يترك المدرسة ، وتعدل خريطة التوجيه لجميع الموجهين لكل حسب رغبته في اختيار المدارس التي يرغب في توجيهها ، وللأسف النظام يسمح بذلك .
- غياب مبدأ المحاسبية وتقييم الذات : تقييم الفرد لنفسه ، وتقييم المؤسسة لأداء العاملين ، وكذلك جهات الرقابة ، والمتابعة بغرض التوجيه ، والإرشاد ، والتحسين ، والجودة . وعند وجود مخالفات ، أوأخطاء فنية كبيرة لا يتم التعامل معها بالشكل المطلوب ، ولا بالسرعة المطلوبة.
- الانفلات المجتمعي العام الناتج عن غياب المحاسبية ، وغياب مبدأ الثواب ، والعقاب أدى إلى انفلات تربوي ، وأخلاقي ، وقيمي . وكلنا يعلم كارثة بيع الأسئلة ، وإن شئت اشتريت دفتر للإجابة أيضا .
- افتقار العاملين لروح الولاء ، والانتماء ، وعدم القدرة على تحمل المسئولية . مما جعل الجميع يؤدي عمله بشكل أقل من أن يكون آليا بهدف الهروب من الوقوع تحت طائلة القانون لا بغرض الإبدا ع لتحقيق هدف المؤسسة التربوي ، والخلقي والمهني .
-غياب ثقافة الرقابة ، والمتابعة : فلا التنفيذيين ( مدرس . ناظر . مدير ) يرغبون في متابعة أولياء الأمور ، ولا أولياء الأمور يرغبون في ذلك . باستثناء بعض المواقف إن وجدت في انتخابات مجالس الأمناء ، أو ما شابه ذلك . فغالبا ما يكون السعي إليها من باب الوجاهة ، لا من باب ثقافة الرقابة ، والمتابعة وحب الوطن .
- العرف الذي أصبح قانونا: كأن يقوم المعلم بالتدريس طالما يحمل مؤهلا دون النظر لإمكانته الفنية ، والمهنية .بمعنى أن درجة تمكنه من مادة تخصصه متواضعة جدا . فما بالك إذا علمت أنه أكثر ضغفا في توصيل المعلومة ، وإدارة الفصل ، واستخدام تكنولوجيا التعليم .
ورغم أن سياسة الوزارة تسعى لتدريب المعلم وتأهيله إلا أن ذلك يتم من باب إبراء الذمة .
ومما يزيد الطين بلة أن تلك التدريبات تتم غالبا في أوقات حرجة : كبداية العام الدراسي ، أو قبيل الامتحانات . الأمر الذي يجعل المدارس ، والأفراد تحاول التهرب ، أو الذهاب إلى التدريب ليس للاستفادة ولكن اتقاء للمساءلة القانونية .
وإذا علمت أن المعلم متواضع المستوى في مادة التخصص فما بالك إذا أسندت له مادة غير مادة التخصص ؛ وهذا ما يحدث في كل الأنشطة : فنية . موسيقية . رياضية . رغم أن هدف الوزارة الاهتمام الكامل بالأنشطة التربوية . ومع ذلك غالبا ما تسند لغير المتخصصين ، وغير المؤهلين . الأمر الذي جعل من حصة الأنشطة عبئا على المعلم لأنه لايقم بتدريس الحصة . وبالتالي فهو غير قادر على إدارة الفصل . وعبئا على الطالب لأنه لايجد من يوظف طاقاته في أنشطة نافعة ، ومفيدة .
وبدلا من أن تكون حصة النشاط : تربية سلوكية ، وتوظيف للطاقات ، وتربية وجدانية ، أو ترفيهية لاستقبال مادة علمية مثل : الرياضيات ، أو العلوم . أصبحت معوقة للعملية التعليمية . حيث أن المعلم قد انصرف عن التدريس ، وممارسة النشاط ز ومن هنا يبدأ الكسل والترهل . وبالتالي عدم التفاعل مع اي موقف تعليمي ، أو تربوي . وكذلك ينصرف المتعلم إلى اللعب ، واللهو(نشاط عشوائي)غير محدد الموضوع أو الهدف . وبانتهاء الحصة يكون المتعلم في حالة إعياء لا تسمح له باستقبال أي معلومة ، بل يتحول اللعب إلى مشاحنات ، ومشاجرات بين المتعلمين ، وقد تصل هذه المشاكل لولي الأمر . فيضيع وقت الإدارة في السيطرة على المواقف ، وحل المشكلات . بدلا من التفرغ للتخطيط ، والتوجيه ، والمتابعة .
الحل:
أعتقد أن الحل داخل الموضوع حيث أن كل نقطة مما سبق تحمل الحل في الشرح والتفسير . مع ملاحظة أن الموضوع ما هو إلا رؤية تحتاج إلى نقاش كثير .
حسين عبد المعبود
رؤية ليست متشائمة ... ولكنها تحتاج لمناقشة
مقدمة:
لما كان التعليم قضية أمن قومي : أمن الحدود ، أمن الجبهة الداخلية ، والسلام الاجتماعي لكل أفراد الشعب على اختلاف طبقاته ،وفئاته ، وأطيافه السياسية . أمن اقتصادي: زراعة . صناعة . تجارة . استثمار . أمن فكري: ضد التطرف ، وضد العنف ، ومع التسامح وقبول الأخر .
لذلك وجب علينا ان نواجه مشكلة التعليم بكل صراحة ،وبكل مصداقية باعتبارها هم الوطن الأول الحالي والمستقبلي.
فلن نستطيع مواجهة غول الغلاء وجنون ارتفاع الأسعار,ولن ننهض اقتصاديا ، ولن يعم الرخاء إلا بالعلم وهذا يحتاج إلى نهضة تعليمية تبدأ بالمصارحة والمكاشفة لاعلى طريقة تمام يا فندم كله ميه ميه أو سوف نقوم بعمل كذا... وسوف نعمل كذا ... أو يجب أن يكون كذا ...لأن كل ذلك لايتعدى إلا أن يكون مدخلا إلى موضوع إنشائي جميل . ولكن المواجهة تكون بالفعل لا بالقول . ولنا في تجربة ماليزيا أكبر مثل وتأملوا ما فعله د/ مهاتير محمد انظروا كيف تحول حال الهند وباكستان التي أصبحت تمتلك القنبلة النووية .
فهل آن الأوان أن نفكر ونتأمل في مشكلة التعليم في مصر .
نظرة :
إذا نظرنا إلى المباني والتجهيزات المدرسية وجدنا تطورا واضحا قد حدث : المباني ضخمة . فخمة . والتجهيزات حديثة : وسائل تعليمية تكنولوجية : شفافيات . لوحات مغناطيسية . فيديو . تلفزيون . أجهزة عرض . معامل وسائط متعددة .معامل للحاسب الألي . معامل علوم مطورة على أحدث مستوى . وكذلك مكتبات مطورة ، وراقية .
وإذا نظرنا إلى المعلم وجدنا معلما مختلفا تماما عن معلم الأمس :ثقافيا ، وفكريا ، واجتماعيا ، ومهنيا ، وأخلاقيا .
وإذا نظرنا لولي الأمر وجدناه هو الأخر قد تغير من إنسان يسعى لتعليم أبنائه بغرض الإرتقاء بهم على السلم الاجتماعي في مجتمع مفترض أنه يقدر العلم ويحترم العلماء إلى إنسان كل همه حصول ابنه على ذلك المصوغ ( الشهادة ) وبأي طريقة حتى لو كانت بالغش والتدليس ، وشراء الذمم .
انظر إلى خريج اليوم وتأمل مستواه الفكري والثقافي والأخلاقي . تجد تراجعا كبيرا قد حدث .
قارن بين خريج الأمس وخريج اليوم . قارن بين مستوى الحاصل على الابتدائية القديمة أو الحاصل على الإعدادية قديما ومستوى خريج الثانوية العامة بل خريج الجامعة اليوم .
ولن أتكلم عن مستوى خريج المدارس الثانوية الفنية الذي هبط إلى أقل من مستوى صبي صغير في ورشة صغيرة .
المشكلة :
تتلخص المشكلة في تدني مستوى الخريج في أي مرحلة وفي كل الجوانب : الشخصية ، والفكرية ، والسلوكية ، والوجدانية والأخلاقية ، والثقافية ، والمهنية .
وللمشكلة أسباب عامة تتعلق بالمناخ العام والنظام السائد ، و أسباب خاصة تتعلق بالمجتمع ، والبيئة المحيطة من هذه الأسباب :
- عدم ربط التعليم بسوق العمل : أي أنه لاتوجد سياسة تعليمية تتعرف على سوق العمل ، وتقوم بإعداد الطالب الإعداد المناسب لاحتياجات سوق العمل ، وكذلك عدم الاهتمام بالتعليم الفني وخاصة التخصصات اللازمة لسوق العمل .
-التوسع في التعليم العام الأدبي على حساب التعليم العملي : بمعنى عدم تشجيع الطلاب على الالتحاق بالكليات العملية ،والتحفيز عليها . ويجب العكس ليقل الإقبال على الكليات الأدبية لأن بناء البلاد يحتاج إلى العمل .
- تخلي الدولة ووزارة القوى العاملة عن دورها في تشغيل الخريجين : مما جعل الطالب وولي الأمر غير مهتم بالتعليم ولا بالعملية التعليمية ، لأنه مهما اجتهد فلن يجد العمل المناسب هذا إن وجد فرصة عمل أصلا .
- تردي الأحوال الاقتصادية : انعكس على العملية التعليمية وعلى المدرس ، وولي الأمر وجعل كل منهما مشغولا بلقمة العيش ، وأهمل المعلم دوره كمربي ، وموجه ، ومفكر ، وأهمل ولي الأمر دوره كمربي ، ومتابع للأسرة .
- تضارب السياسات التعليمية ، وعشوائية اتخاذ القرارات مثل : إلغاء الصف السادس ، ثم عودة الصف السادس . الثانوية العامة سنتان بدلا من سنة ، ثم الشروع في العودة إلى نظام السنة الواحدة .
- شيوع ثقافة أو سياسة كله تمام يا فندم : بمعنى التصفيق لأي قرار ، وأي سياسة مهما كانت السلبيات ، ولا توجد شجاعة المصارحة وإنما على طريقة ميه ميه ، وهو دا الشغل ولا بلاش . فنحن (أقصد المدرسين والعاملين بالإدارات والمدريات التعليمية وجهات المتابعة المحلية والوسطى والعليا ) الذين صفقنا لإلغاء الصف السادس ، ثم احتفلنا بعودته . وقس على ذلك الكثير .
- عدم تدريب المعلمين ، وتأهيلهم لمواجهة واقع المرحلة وتنفيذ الأفكار الجديدة والمتطورة ، وكذلك الموجهين والمتابعين : فلا بد من نشر ثقافة التغيير ، والتطوير .ليكون الجميع على قناعة تامة بضرورة التغيير ، ويكون العمل وفق منظومة ذات هدف واضح ، ومحدد . لا من باب الحكومة عايزة كده . واربط القرد ......
- عدم المتابعة الجادة ، والفعالة من الجهات : المحلية ، والعليا : حيث يتركز دور الموجهين ، والمتابعين : على الورقيات ن وتسديد الخانات . بعيدا عن الهدف الأصلي والأساسي لمنظومة التعليم . وكل ما يهمهم السجلات ... مستوفاة أم لا , أما الخطة من حيث كيفية وضعها ، وكيفية تنفيذها ، وتقييمها لمعرفة الأسباب التي أدت إلى إنجاز ما تم إنجازه ، أو الإخفاق فيما لم يتم إنجازه . فذلك بعيد تماما عن هدف أي متابع .
- إصدار القرارات دون دراسة جيدة ، ودون النظر لقابلية تنفيذها من عدمه : فأحيانا كثيرة تكون الأفكار جيدة ، ولكن القائمين على التنفيذ غير مؤهلين للتنفيذ ثقاقيا ، ومهنيا . فيجب إرجاء الفكرة . وسرعة التنفيذ تعتمد على سرعة التأهيل التي تؤدي إلى سرعة التنفيذ ( طبق ذلك في تدريس اللغة الإنجليزية بالمرحلة الابتدائية ، وأسند تدريس المادة إلى خريجي المعلمين والمعلمات ، والثانوية العامة ، والثانوية االفنية) . ويحدث ذلك الأن في عملية التقويم الشامل ، وأنا لست ضدها . فأنا من أشد المتحمسين المقتنعين بضرورة التطوير ، والتغيير . ولكن لا بد من التدريب الكافي للقائمين على الأمر . وبلاش حجة هل نقف والعالم يسير من حولنا ؟
- عدم وجود ألية تجعل لوكيل المدرسة أو موجه القسم أو موجه المادة او موجه النشاط دور فعال :
فالوكيل لا يقوم بأعمال التدريس ، والإشراف على الورق ويرفض الترقية حتى لا يتحمل أي مسئولية . مما يؤدي إلى الترهل المهني ، وانتشار الكسل ، والسلبية بين أفراد المؤسسة . لأن كل شيء بالعدوى ، ولأنهم غالبا كبار السن فلا يحاسبون ، ولا تقل هناك لائحة تنظم ذلك . فاللائحة موجودة ولكن لاتفعل . وتفعيلها صعب ، بل مستحيل لأسباب ندعي أنها إنسانية ، وأسباب أخرى تتعلق بالمناخ العام .
وكذلك موجه القسم ، أو موجه المادة ، أو موجه النشاط . لأن وظيفة موجه وظيفة مريحة ، وبلا مسئولية جعلت الكثير ممن يرقون يرغبون في الترقية إلى وظيفة موجه هروبا من وظائف الإدارة المدرسية ، وخوفا من تحمل المسئولية .
ولأن الموجه غالبا ما يتابع حوالي 28 فصلا أي مدرسة كبيرة أو اثنتين أو ثلاثة مدارس على الأكثر أي أنه يتابع المدرسة شبه يوميا ، أو كل يومين ، أو كل ثلاثة أيام على أقصى تقدير .
وموجه المادة أو موجه النشاط يتابع من 6 : 10 مدارس أي أنه يتابع المدرسة كل أسبوع ، أو كل عشرة أيام . مما أدى إلى : أن كثرة عدد الموجهين ، وكثرة عدد أيام المتابعة أفقدت التوجيه كل مزاياه ، وجعلته عبئا على المدرسة ، وأحد أسباب أزمة التعليم للأسباب الأتية :
1- كثرة تردد الموجه على المدرسة أفقدته الجاذبية ، وأفقدته الخشية الأدبية ، وبالتالي فلا فائدة من وجوده بالمدرسة .
2- ولأن السلبيلت متشابهة ، وكل سلبية تحتاج إلى وقت لعلاجها ، والموجه كثير التردد على المدرسة . فأصبح لايجد ما يقوله ، وإذا وجه في المرة الأولى فماذا يقول في المرة الثانية أو الثالثة ؟... الأمر الذى جعله يصرف النظر عن دوره كموجه ، ويكتفي بما نعتقد زورا أنها علاقات إنسانية .
3- مادام الموجه تخلى عن دوره ، وغالبيتهم قد اختاروا التوجيه هروبا من المسئولية فلماذا يذهب إلى المدرسة ؟ وإذا ذهب اكتفى بالتوقيع في سجل الأمن ، وكشاف الموجهين ، ويكتب زيارة لا فائدة فيها إلا العناوين الخاصة بعناصر التوجيه . مع ملا حظة أنه لا يذهب إلى المدرسة إلا وسط اليوم الدراسي تفاديا لعملية التوجيه ، وتحسبا لحضور البعض من لجان المتابعة .
4- إذا حاولت المدرسة أن تطبق اللائحة ، وألزمت الموجه بالحضور المبكر ، والانصراف في نهاية اليوم الدراسي ، أو المشاركة في رسم السياسة التعليمية ، وتوجيه المعلمين . يعدل خط السير ، ويذهب إلى مدرسة أخرى . وإذا دعى الأمر يترك المدرسة ، وتعدل خريطة التوجيه لجميع الموجهين لكل حسب رغبته في اختيار المدارس التي يرغب في توجيهها ، وللأسف النظام يسمح بذلك .
- غياب مبدأ المحاسبية وتقييم الذات : تقييم الفرد لنفسه ، وتقييم المؤسسة لأداء العاملين ، وكذلك جهات الرقابة ، والمتابعة بغرض التوجيه ، والإرشاد ، والتحسين ، والجودة . وعند وجود مخالفات ، أوأخطاء فنية كبيرة لا يتم التعامل معها بالشكل المطلوب ، ولا بالسرعة المطلوبة.
- الانفلات المجتمعي العام الناتج عن غياب المحاسبية ، وغياب مبدأ الثواب ، والعقاب أدى إلى انفلات تربوي ، وأخلاقي ، وقيمي . وكلنا يعلم كارثة بيع الأسئلة ، وإن شئت اشتريت دفتر للإجابة أيضا .
- افتقار العاملين لروح الولاء ، والانتماء ، وعدم القدرة على تحمل المسئولية . مما جعل الجميع يؤدي عمله بشكل أقل من أن يكون آليا بهدف الهروب من الوقوع تحت طائلة القانون لا بغرض الإبدا ع لتحقيق هدف المؤسسة التربوي ، والخلقي والمهني .
-غياب ثقافة الرقابة ، والمتابعة : فلا التنفيذيين ( مدرس . ناظر . مدير ) يرغبون في متابعة أولياء الأمور ، ولا أولياء الأمور يرغبون في ذلك . باستثناء بعض المواقف إن وجدت في انتخابات مجالس الأمناء ، أو ما شابه ذلك . فغالبا ما يكون السعي إليها من باب الوجاهة ، لا من باب ثقافة الرقابة ، والمتابعة وحب الوطن .
- العرف الذي أصبح قانونا: كأن يقوم المعلم بالتدريس طالما يحمل مؤهلا دون النظر لإمكانته الفنية ، والمهنية .بمعنى أن درجة تمكنه من مادة تخصصه متواضعة جدا . فما بالك إذا علمت أنه أكثر ضغفا في توصيل المعلومة ، وإدارة الفصل ، واستخدام تكنولوجيا التعليم .
ورغم أن سياسة الوزارة تسعى لتدريب المعلم وتأهيله إلا أن ذلك يتم من باب إبراء الذمة .
ومما يزيد الطين بلة أن تلك التدريبات تتم غالبا في أوقات حرجة : كبداية العام الدراسي ، أو قبيل الامتحانات . الأمر الذي يجعل المدارس ، والأفراد تحاول التهرب ، أو الذهاب إلى التدريب ليس للاستفادة ولكن اتقاء للمساءلة القانونية .
وإذا علمت أن المعلم متواضع المستوى في مادة التخصص فما بالك إذا أسندت له مادة غير مادة التخصص ؛ وهذا ما يحدث في كل الأنشطة : فنية . موسيقية . رياضية . رغم أن هدف الوزارة الاهتمام الكامل بالأنشطة التربوية . ومع ذلك غالبا ما تسند لغير المتخصصين ، وغير المؤهلين . الأمر الذي جعل من حصة الأنشطة عبئا على المعلم لأنه لايقم بتدريس الحصة . وبالتالي فهو غير قادر على إدارة الفصل . وعبئا على الطالب لأنه لايجد من يوظف طاقاته في أنشطة نافعة ، ومفيدة .
وبدلا من أن تكون حصة النشاط : تربية سلوكية ، وتوظيف للطاقات ، وتربية وجدانية ، أو ترفيهية لاستقبال مادة علمية مثل : الرياضيات ، أو العلوم . أصبحت معوقة للعملية التعليمية . حيث أن المعلم قد انصرف عن التدريس ، وممارسة النشاط ز ومن هنا يبدأ الكسل والترهل . وبالتالي عدم التفاعل مع اي موقف تعليمي ، أو تربوي . وكذلك ينصرف المتعلم إلى اللعب ، واللهو(نشاط عشوائي)غير محدد الموضوع أو الهدف . وبانتهاء الحصة يكون المتعلم في حالة إعياء لا تسمح له باستقبال أي معلومة ، بل يتحول اللعب إلى مشاحنات ، ومشاجرات بين المتعلمين ، وقد تصل هذه المشاكل لولي الأمر . فيضيع وقت الإدارة في السيطرة على المواقف ، وحل المشكلات . بدلا من التفرغ للتخطيط ، والتوجيه ، والمتابعة .
الحل:
أعتقد أن الحل داخل الموضوع حيث أن كل نقطة مما سبق تحمل الحل في الشرح والتفسير . مع ملاحظة أن الموضوع ما هو إلا رؤية تحتاج إلى نقاش كثير .
حسين عبد المعبود
[/b]